تقرير لمنظمة حقوقية دولية بشأن انتهاكات سحب الجنسية في دول الخليج

روما- أعلنت الفيدرالية الدولية للحقوق والتنمية (إفرد) اليوم الاثنين أنها بصدد تقديم تقرير موثق حول انتهاكات سحب الجنسية في دول الخليج العربي إلى المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد بن رعد.

وقالت الفيدرالية الدولية التي تتخذ من روما مقرا لها في بيان صحفي بهذا الخصوص، إن إجراءات تجريد وسحب الجنسية من المواطنين أصبحت أحد أبرز الأساليب العقابية التي تنتهجها السلطات ضد المعارضين في دول الخليج.

وذكرت أن السياسة التي تنتهجها بعض دول الخليج العربي من خلال إجراءات سحب الجنسية والترحيل القسري من قبل السلطات الحاكمة في تلك الدول بصورة تعسفية.

وأكدت الفيدرالية الدولية أن ظاهرة تجريد المواطنين من الجنسية تمارس بشكل واسع وبصورة غير مبررة، وتهدف بالشكل الأساسي إلى كبت الحريات وتكمم أفواه المعارضين والمنتقدين لسياسات تلك الدول.

البحرين

تربعت دولة البحرين على رأس الدول الخليجية في عدد المواطنين الذين جرى تجريدهم من جنسيتهم لأسباب ودوافع سياسية في مواجهة المعارضين لسياساتها.

ورحلت السلطات البحرينية 8 مواطنين بحرينيين في يناير/كانون ثاني الماضي بعد أن نزعت منهم جنسيتهم بناءً على قرار من محكمة الاستئناف بتهمة “الإضرار بأمن الدولة”.

وفي نفس الشهر كما أيدت محكمة التمييز البحرينية حكما سابقا يقضي بسحب الجنسية من آية الله عيسى قاسم، رجل الدين الشيعي البارز والشخصية القيادية في المعارضة.

ويخضع المعارض للإقامة الجبرية منذ أن صدر في 2016 حكم أولي بسحب جنسيته البحرينية بعد إدانته بتهم تشمل “خدمة مصالح أجنبية”.

كما أوردت منظمة “مراسلون بلا حدود” أن السلطات البحرينية سحبت الجنسية من سبعة صحافيين “عقابا لهم على عملهم الإعلامي”.

وأشارت الفيدرالية الدولية إلى أنه منذ بداية العام 2011 عقب أحداث وتظاهرات ما عرف بـ “الربيع العربي”، قامت السلطات الأمنية في دولة البحرين والتي تصدرت قائمة دول الخليج في ملاحقة المعارضين السياسيين ونشطاء الرأي، بتجريد ما يزيد على 550 مواطنًا من جنسيتهم، ومنذ بداية العام 2018، جرى تجريد ما يزيد على 70 شخصاً من جنسياتهم. وسجّل العام 2017 لوحده تجريد 150 شخصاً على الأقل من جنسياتهم بموجب تهم قانونية فضفاضة، وفي إطار محاكمات تفتقر لضمانات وإجراءات المحاكمة العادلة.

الإمارات

دأب جهاز أمن الدولة الإماراتي على توسيع سياسة سحب الجنسيات والترحيل والطرد إلى خارج البلاد، من خلال ملاحقة المعارضين والناشطين والمنتقدين لسياسات السلطات الحاكمة.

وبدأت جريمة سحب الجنسيات في الإمارات في ديسمبر/كانون أول 2012 عندما قام الجهاز بسحب جنسيات سبعة من المواطنين على خلفية توقيع عريضة الثالث من مارس/آذار التي طالبت بتطوير المجلس الوطني وتعزيز استقلال القضاء.

ومنذ بداية الأزمة الخليجية ومقاطعة دولة قطر مطلع يونيو/حزيران الماضي، كثف جهاز أمن الدولة الإماراتي عمليات ملاحقة المواطنين المعارضين لسياسات العائلة الحاكمة، خاصة من أبناء القبائل، وأصدر قرارات بشكل غير معلن، سحب من خلالها جنسية مئات الأفراد المنتميين لقبائل مختلفة.

وحسب تصريحات إعلامية عدة فقد قام جهاز أمن الدولة بتجهيز قوائم تضم مئات المواطنين لإسقاط الجنسية عنهم، وطلب ممن شملهم القرار تسليم كل المستندات الخاصة بجواز السفر وخلاصة القيد والبطاقة الشخصية بصورة طوعية، أو إجبارهم على ذلك.

وقد وجدت سلطات الإمارات في معارضة الناشطين السياسيين والحقوقيين لنهج حكمها “خطرا على أمن الدولة وسلامتها”، وبموجب هذه التهمة واسعة المضمون تقوم بإصدار قرارات التجريد من الجنسية وإسقاط المواطنة الإمارتية عن المعارضين لسياستها طبقا لأحكام المادة 16 من قانون الجنسية الإماراتي رقم 17 لسنة 1972.

وتنوعت أيضا وسائل السلطات الأمنية التي تهدف بالشكل المباشر إلى إسكات الرأي العام والتضييق على الحريات، من خلال الاعتقالات السياسية، وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب، وسحب الجنسيات، والترحيل القسري، والمنع من السفر، وتجميد الأرصدة، وملاحقة المقيميين الأجانب، وفرض قانون مكافحة الجرائم الالكترونية والتقاضي أمام المحكمة الاتحادية غير القابلة للاستئناف، ويواصل جهاز أمن الدولة سياساته الأمنية بدعم جهات تنفيذية وأمنية، في محاربة المعارضين ونشطاء الاعلام، دون أدنى مسؤولية واكتراث لحقوق الإنسان وكرامته.

قطر

يتهم أفراد من عشيرة “الغفران” السلطات القطرية “بانتهاك حقوقهم بأشكال تشمل سحب الجنسية”.

وتقول مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن قطر “تتعاطى معها بجدية بشأن شكاوى عشيرة الغفران فيما يتعلق بمسألة سحب الجنسية”.

وتقول قطر إن كثيرا من الذين سُحبت جنسياتهم يحملون جنسيات أخرى مثل الجنسية السعودية، وهو ما يخالف القانون القطري، إضافة إلى قيامها بإرجاع العدد الأكبر من تلك الجنسيات.

وعشيرة الغفران تنتمي لقبيلة آل مرة الأكبر، ويعيش معظم أبنائها في قطر والسعودية. ويقول بعض أفراد قبيلة الغفران إن أسباب ما يصفونه باضطهاد السلطات القطرية لهم تعود إلى عام 1996.

السعودية

تورطت السلطات السعودية مؤخرا بترحيل قسري لأكثر من 10 ألاف وافد لبلادهم بعد سحب الجنسية منهم. ويعتقد أن تلك الإجراءات تمت بشكل غير قانوني لصالح توفير فرص عمل للسعوديين.

وأعلنت الريـاض عن منح الوافدين مهلة لتصحيح أوضاعهم بناء على حملة “وطن بلا غَيْر مَأْلُوف” التي قد أطلقتها سابقاً، والتي أستفاد منها ألاف الوافدين وأيضا تم خلالها ترحيل الألاف لبلادهم.

وفي العام 2014 كشفت هيئة حقوق الإنسان في السعودية أنها تلقت 284 طلب استرداد جنسية بعد سحبها من أصحابها، علما أن إجراء سحب الجنسية في القانون السعودي لا يلغي كون المواطن لا يزال سعوديا، ولا يستدعي بالضرورة اسقاط الجنسية السعودية عنه إلا في حالات نادرة، نظراً الى ما يترتب على من تسقط منهم جنسيتهم من تداعيات كثيرة، تطال ذويهم ممن اكتسبوا الجنسية بالتبعية.

الكويت

أعلنت السلطات الكويتية مؤخرا إسقاط الجنسية عن 250 شخصًا، بينهم ضباط متقاعدون، وموظفون في وظائف عسكرية ومدنية حساسة، اكتسبوها بالتبعية من قبل 17 شخصًا سحبت جنسياتهم أخيرًا بمرسوم أميري.

وتستند الحكومة الكويتية في قرارات إسقاط الجنسية إلى قانون كويتي يتيح إسقاط الجنسية عن الأشخاص الذين يمثلون تهديداً أمنياً للبلاد، أو ممن حصل على الجنسية بطريقة التزوير.

ويعتبر ملف سحب الجنسيات من الملفات الشائكة بالكويت، إذ سبق أن سحبت الكويت الجنسية من عدد من المواطنين أبرزهم الداعية نبيل العوضي والإعلامي سعد العجمي، والنائب السابق عبدالله البرغش وأفراد عائلته، والذي أعيدت له ولعائلته الجنسية لاحقاً إضافة إلى 8 عوائل أخرى.

قرارات مجحفة

أكدت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن قرارات سحب الجنسية مجحفة وتقوم على قوانين فضفاضة وتهم غير محددة يمكن للسلطات من خلالها أن تدرج ضمنيا أعمالا قد لا تستدعي أحكاما مشددة كالتي ذكرت في القانون.

وأبرزت الفيدرالية الدولية أن مثل هذه القرارات تتعارض بشكل جذري مع قوانين حقوق الانسان والحريات العامة المنصوص عليها.

ودعت الدول الخليجية إلى العدول عن سياساتها المنتهجة في سحب وتجريد المواطنين من جنسيتهم بصورة تعسفية، فالجنسية هي حق مكتسب للمواطن، وليست منحة من الحكومات تسحبها وقتما تشاء، ولا يمكن انتهاك هذا الحق تحت أي ذريعة.

وطالبت بضرورة التراجع عن قرارات الترحيل القسري بحق الأشخاص الذين تم تجريدهم من جنسيتهم، كون أن تلك الأحكام والقرارات هي لا تعبر إلا عن كونها غطاء تتخذه السلطات في قمع الأصوات المعارضة لسياستها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
الوطن الخليجية