لوموند: الاكتفاء الذاتي يعني “بريكست” قطري؟
باريس- قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن دولة قطر التي وجدت نفسها فجأة تحت حصار مطبق من جيرانها في الخامس من يونيو/حزيران 2017، بدأت تشجع، بشكل حثيث، الإنتاج المحلي وأسرعت الخطى لتحقيق الاكتفاء الذاتي، خاصة في المجال الغذائي.
وأكد مراسل الصحيفة الخاص في الدوحة بنيامين بارت أن هذا الطموح يتناسب مع حجم التحدي الذي مثلته صدمة ذلك اليوم، حين أغلقت السعودية المنفذ البري الوحيد للدولة على العالم الخارجي وحظرت الإمارات مرور الحاويات المصدرة إلى قطر عبر ميناء جبل علي في دبي، واستبعد البلد من إحدى الطرق الرئيسية للتجارة البحرية العالمية، الأمر الذي تسبب فورا في تقلص الواردات القطرية بنسبة 40٪ خلال شهر يونيو/حزيران 2017.
ودفعت هذه الوضعية، حسب بارت، السطات القطرية إلى جعل الأمن الغذائي هدفا ملحا وأولوية وطنية بعد أن كان أحد الأهداف المذكورة في الخطة التنموية لعام 2030.
وتشكل سياسة التنمية في قطر جزءا من جهود احتواء هذه الأزمة، إذ تقدم الدولة العديد من المرافق لرواد الأعمال الراغبين في الانخراط في الإنتاج المحلي، بما في ذلك الأراضي والقروض بأسعار تفضيلية.
وينقل المراسل، في هذا الإطار، عن وزير الاقتصاد أحمد بن جاسم آل ثاني قوله “أنشئت شركات جديدة لهذا الغرض، شملت الحليب والدواجن والخضار والأسماك والأغذية المصنعة إلخ.. واستراتيجيتنا الآن تقوم على إنتاج محلي لكل ما يمكن للقطاع الخاص القيام به”.
وبرز اسم شركة “بلدنا” من بين الشركات التي سارعت إلى محاولة ملء الفراغ الذي سببه هذا الحصار خصوصا في منتجات الحليب.
فقد تصدرت “بلدنا” عناوين الصحافة الدولية عندما شحنت إلى الدوحة 4000 بقرة جوا من الولايات الأميركية وأوروبا من أجل الالتفاف على آثر هذا الحصار، ويتوقع أن تصل عشرة آلاف بقرة في نهاية فبراير/شباط القادم، ليصل إنتاج “بلدنا” من الحليب 200 طن يوميا، كما بنيت إسطبلات ضخمة مكيفة على مساحة 180 هكتار في منطقة تبعد 50 كيلومترا شمال الدوحة.
وينقل بارت عن مدير عملية “بلدنا” الإيرلندي جون دوري قوله “نحن كاسرو الحصار”، قبل أن يؤكد أن هذه الأزمة أيقظت القطريين “ولم يعودوا يقبلون الاعتماد على جيرانهم بعد الآن، وغدا الاكتفاء الذاتي شعارهم الجديد”، أما المسؤولون القطريون فإن رأيهم، حسب الصحيفة، يتلخص في الصيغة التالية “كنا شبه جزيرة في السابق، ونحن اليوم جزيرة (بما في الكلمة من معنى)”.
وتهدف هذه التعبئة العامة إلى تمكين القطريين من التفاوض على مخرج من الأزمة وهم في موقف قوة، ليجبروا السعودية والإمارات العربية المتحدة في مواجهة مطالبهما لإعادة العلاقات.
واختتم المراسل تقريره قائلا “في غياب التصعيد، ينبغي لسياسة الاكتفاء الذاتي هذه أن تمنح الدوحة وسائل لتحرير نفسها بسلاسة من مجلس التعاون الخليجي، فهذه السياسة تفتح أمامها، دون التصريح بذلك، ما يمكن أن يسمى “بريكست قطري”.