مجلة أمريكية: هزيمة مهينة لحقت بالإمارات والسعودية

واشنطن- تتحدث مجلة ذي نيشن الأميركية عن كيفية تمكن دولة قطر من إلحاق الهزيمة بالمؤامرة السعودية الإماراتية لضم الدوحة، وتقول على لسان الكاتب خوان كول إن رفض أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مطالب دول الحصار التي تتضمن تدخلا في سيادة بلاده أو المس بكرامتها جعل منه بطلا وطنيا في بلاده.

ويقول البروفيسور كول -وهو أستاذ كرسي ريتشارد ميتشل الجامعي للتاريخ بجامعة ميتشيغن- إن السعودية والإمارات حاولتا في 5 يونيو/حزيران 2017 الاستيلاء على قطر.

وأضاف أنه منذ أن غزا الرئيس العراقي الراحل الكويت في 2 أغسطس/آب 1990، فإن أي قوى عربية لم تحاول إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بمثل هذا التطرف، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي هذه المرة وقف مع المعتدين بدلا من أن يرسم لهم خطا في الرمال أو يضع لهم حدا لا يتجاوزونه.

وحسب كول فأنه رغم العدد الكبير لسكان السعودية والإمارات ورغم احتياطاتهما النفطية الضخمة ورغم الآلة الإعلامية الضخمة التي تروج لأجندتيهما ودعايتيهما، ورغم مواردهما العسكرية الهائلة، فإن الرياض وأبو ظبي قد انكفأتا ولحقت بهما هزيمة مهينة.

فكيف تفوقت قطر الصغيرة على أعدائها؟

يؤكد الكاتب أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (32 عاما) وقائد القوات المسلحة الإماراتية ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد (56 عاما) تخليا عن هدوء أسلافهما وسعيا جنبا إلى جنب إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط.

ويضيف أنهما يشنان حربا دموية ومدمرة في اليمن، وأنهما دعما الأصوليين المتشددين في سوريا، كما حاولا إجبار رئيس الوزراء اللبناني على الاستقالة، وأنهما تواطآ مع المؤسسة العسكرية المصرية لتنفيذ انقلاب وتركيع شباب الربيع العربي.

وقال إن (المحمدين) أعلنا نفسيهما أنهما يقاتلان النفوذ الإيراني في العالم العربي، ولكنهما يخشيان من أي نوع من السياسات الشعبية خارج سيطرتهما.

ثم إنه ليس من قبيل المصادفة أن تكون علاقتهما مضطربة مع كل من تونس ولبنان، وذلك في ظل كونهما جمهوريتين عربيتين تحظيان بانتخابات ذات معنى.

قطر وتركيا وإيران

كانت الخطوة الأولى التي اتخذتها الحكومة القطرية بعد بدء الحصار هي الوصول إلى تركيا، حيث تدخل الجيش التركي لتفادي الغزو المباشر ضد قطر.

ثم كانت هناك مشكلة الرحلات الجوية بالنسبة إلى قطر، فقد تركت الإمبراطورية البريطانية للبحرين السيطرة على نطاق غير متكافئ من المجال الجوي الخليجي، ما جعل المنامة تستغل هذه الميزة في حرمان الطيران القطري من التحليق الجوي ومن حق التواصل مع مراقبي الحركة الجوية في المنامة.

وسرعان ما تفاوضت قطر مع إيران، التي كانت سعيدة لإحباط الطموحات السعودية، وذلك حيث سمحت طهران للرحلات الجوية القطرية بالمرور فوق أراضيها، مسترشدة بمراقبي الحركة الجوية في شيراز الإيرانية.

وبفضل إمكانية الوصول إلى المجال الجوي لإيران والعراق وتركيا، تمكن الطيران القطري من التغلب على الحصار الجوي الذي تفرضه دول الحصار الأربع على الدوحة، وذلك رغم أن قطر واجهت تكاليف جديدة كبيرة.

ويضيف أن قطر بدأت باستيراد المزيد من الغذاء جوا وبحرا، وأنه لم يكن هناك نقص على الإطلاق. وينسب إلى مقيمين في قطر إعرابهم عن الدهشة إزاء عدم تهافت الناس في الدوحة على تخزين الغذاء أو الماء عند اندلاع الأزمة في يونيو/حزيران 2017.

زراعة وبستنة وأبقار

ويمضي بأن القطريين بدؤوا بالزراعة والبستنة وأنهم استوردوا بعض الأبقار الحلوب وأنهم اعتمدوا على محطة تحلية المياه في البلاد، كما أثبت الاقتصاد القطري مرونة، حيث إن صادرات الغاز لم تتأثر بالأزمة، وحتى الإمارات بقيت تستورد الغاز من عدوها.

ويقول إن دول الحصار الأربع لم تتمكن في البداية من أن تقول بالضبط لماذا تعاملت مع قطر بهذه الطريقة، ثم إنها قدمت المطالب الثلاثة عشر، مضيفا أنها طالبت بتعويضات مالية. وبكلمات أخرى، فإن دول الحصار جميعها اعترفت بأن التحرك ضد قطر كان شكلا من أشكال السطو على البنوك.

ويضيف أن الناتج المحلي الإجمالي لقطر يبلغ نحو 160مليار دولار، وأن لديها صندوق ثروة سيادية بنحو 300 مليار دولار، الأمر الذي يجعل منها هدفا مغريا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ويقول الكاتب إن دول الحصار تريد من قطر أن تبادر إلى قطع علاقاتها مع إيران، ويضيف أن هذا يعتبر أمرا مستحيلا، وذلك لأن البلدين يشتركان في حقل غاز رئيسي يمتد تحت مياه الخليج. ويقول إن قطر تحتفظ بعلاقات مع إيران بالشكل الصحيح.

كرامة قطر وشبكة الجزيرة

ويضيف أن دول الحصار تريد من قطر أن تغلق شبكة الجزيرة، وهي واحدة من مواقع قليلة تتمتع بحرية التعبير في المنطقة، بل إنها تريد من قطر أن تخضع لتدقيق شهري للتأكد من امتثالها للمطالب المختلفة.

ويقول إن هكذا إنذار نهائي واسع النطاق من جانب دول الحصار ضد قطر يعني تخليها عن سيادتها كدولة مستقلة.

ويضيف أن الشيخ تميم رفض بشدة التدخل بسيادة بلاده أو المس بكرامتها، وهو موقف جعله بطلا وطنيا في بلاده.

استدراج السعوديين لترمب

ويقول الكاتب إنه رغم أن السعوديين استدرجوا “ترمب البغيض” لدعم حملتهم ضد قطر، إلا أن كلا من وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون تمكنا بمرور الوقت من تغيير رأي ترمب وأقنعوه بأن العداء بين دول الخليج يصب في صالح إيران.

وبالمقابل أعلنت قطر أنها ستوسع قاعدة العديد بشكل كبير، وذلك على أمل جعلها تكون من الأصول الإستراتيجية الدائمة للولايات المتحدة، وبحيث يمكن للأميركيين فيها إحضار عائلاتهم.

كما أشار الكاتب إلى حضور ماتيس وتيلرسون الحوار الإستراتيجي بين قطر والولايات المتحدة في واشنطن، حيث أثنى كلاهما على قطر كشريك اقتصادي وأمني للولايات المتحدة.

وقال إن الخطاب في هذا المناسبة كان يختلف بمقدار 180 درجة عن تغريدة ترمب اللاهثة التي أطلقها الصيف الماضي ضد قطر.

ويضيف أن قطر فازت جزئيا من خلال جذبها الكبار في إدارة ترمب. وأنه من غير المحتمل أن تنتهي الأزمة قريبا، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن دول الحصار قدمت مطالب متطرفة يصعب عليها التراجع عنها، إضافة إلى أن ثقة القطريين في جيرانهم قد تآكلت بشكل عميق ودائم.

ويشير إلى احتمال أن يكون مجلس التعاون الخليجي ميتا كمنظمة أمنية، بيد أن ماتيس وتيلرسون هما على حق في أن إيران تعتبر من بين المستفيدين من تفكك محتمل لمجلس التعاون.

وأما قطر الصغيرة فستبقى على قيد الحياة بشكل جيد وتذهب في طريقها الخاص، وذلك بشكل أكثر علنا من أي وقت مضى.

وأما (المحمدان) اللذان لديهما شهية كبيرة على نحو متزايد إزاء أراضي وثروة جيرانهم، فإنه من غير المرجح بشكل متزايد أن يتمكنا من الاستحواذ على قطر.

ويختتم بالقول إنه بسبب دور قطر في دعم خطاب أكثر حرية وأكثر تعددية في المنطقة، فإنه يمكن أن تكون هذه النتيجة حاسمة بالنسبة لمصير الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
الوطن الخليجية