مذكرة حقوقية تثير غضبًا أوروبيًا ضد إسرائيل بسبب عمليات الهدم بالضفة

أثارت مذكرة سرية وجهها مرصد حقوقي غضبًا أوروبيًا إزاء عمليات الهدم لبنى تحتية ومنشآت ممولة أوروبيًا في الضفة الغربية ومدينة القدس.

الرسالة التي وجهها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رصدت عمليات الهدم المتسارعة في الضفة الغربية لمنشآت وبنى تحتية ممولة من أوروبا.

ففي العام الماضي، قال المرصد إنه سجَل هدم القوات الإسرائيلية 104 مبانٍ فلسطينية، كما استولت على 107 مبانٍ في القدس، كانت كلها ممولة من الاتحاد الأوروبي.

وكان المرصد اشتكى لمجلس حقوق الإنسان من التضييق على المنظمات الحقوقية العاملة في المناطق الفلسطينية.

وقبل أيام، هدم الجيش الإسرائيلي مدرسة فلسطينية في الضفة أقيمت بتمويل من الاتحاد الأوروبي.

وكانت المدرسة تستخدم في المجتمع الرعوي شرق رام الله لخدمة 50 طالبًا وهي الرابعة في قائمة المدارس التي هدمتها إسرائيل منذ بداية العام الحالي.

وأشار المرصد إلى أن 52 مدرسة أخرى مهددة بالهدم كذلك في الضفة والقدس.

وقال المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المرصد الأورومتوسطي أنس جرجاوي إن طلبة المدرسة المهدمة سيضطرون الآن إلى المشي لمسافة 5 كيلومترات سيرًا على الأقدام للوصول إلى أقرب مدرسة في قرية المغير المجاورة.

وكانت بلجيكا وإستونيا وفرنسا وألمانيا وإيرلندا والنرويج قدمت الشهر الماضي مناقشة مشتركة أكدت قلقها العميق بشأن أنشطة الاستيطان الإسرائيلية وهدم المباني الفلسطينية.

وأشارت تلك الدول إلى أن الفترة من مارس إلى أغسطس 2020 شهدت أعلى متوسط معدل تدمير إسرائيلية في أربع سنوات”.

تصعيد إسرائيلي

وأشارت مذكرة الأورومتوسطي إلى أنه على الرغم من جائحة فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية المصاحبة له، صعدت الحكومة الإسرائيلية بشكل كبير من هدم المباني الفلسطينية.

وذكرت أن إسرائيل هدمت 89 منزلا في القدس الشرقية بين يناير وأغسطس من العام الجاري.

وذلك مقارنة مع 104 لعام 2019 بالكامل، و72 في عام 2018.

وعقب جرجاوي بالقول إن “إسرائيل هدمت 555 مبنى في الضفة الغربية والقدس.

حيث أدى ذلك إلى إخلاء 747 شخصا قسرا، بينهم 382 طفلا”.

وأشارت المذكرة إلى أنه في الوقت نفسه في عام 2019 “تقلص عدد المشاريع الفلسطينية الممولة دوليًا  إلى 12 فقط مقارنة بـ 75 في عام 2015.

وحذرت المذكرة من أن هذا “يشبه معاقبة الفلسطينيين على تدمير الحكومة الإسرائيلية للمشاريع والمباني الممولة أوروبيا بدلاً من الوقوف في وجه الحكومة الإسرائيلية لوقف عمليات الهدم”.

كما أشارت المذكرة إلى أن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء عمدوا إلى إخفاء حجم الضرر الذي لحق بمشاريعهم الممولة في الضفة الغربية.

وطالب أعضاء البرلمان الأوروبي بالتحقيق في حوادث الهدم وتقديم تقرير علني حول هذه القضية.

وقد أثارت مذكرة المرصد الأورومتوسطي الغضب بين العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي.

الذين انزعجوا من المعدل المتزايد لعمليات الهدم وسط أزمة جائحة كورونا.

وتتجاوز تقديرات الضرر الذي ألحقته إسرائيل بالمباني في الضفة الممولة من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه في الأراضي المحتلة بين عامي 2001 إلى 2015 بنحو 65 مليون يورو.

موقف أوروبي

وقال رئيس المرصد الأورومتوسطي رامي عبده إنه على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يحتفظ بموقف قوي من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

خصوصًا فيما يتعلق بالأنشطة الاستيطانية وهدم المباني الفلسطينية.

لكن الذي يبقى غائبًا في بروكسل وعواصم الدول الأعضاء في الاتحاد هو الرغبة في سد الفجوة بين الخطاب والعمل الفعلي.

وذلك لمنع أو تحدي أو ردع الاستهداف الإسرائيلي للوجود الفلسطيني في المناطق المعرضة للخطر في الضفة .

على الرغم من أن بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي طالبت أحيانًا بتعويضات من إسرائيل كما حدث في عام 2017 عندما طالبت ثمان دول أوروبية بتعويض قدره 35 ألف دولار على خلفية مصادرة وهدم المباني التي شيدتها في المنطقة المصنفة (ج).

إلا أن المذكرة قالت إنه لم يكن هناك ضغط مستمر وملموس من الاتحاد الأوروبي على إسرائيل لوقف عمليات الهدم.

علاوة على ذلك، في يونيو 2020، صرح وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد غابي أشكنازي، في رده على سؤال برلماني قدمه عضو الكنيست موشيه أربيل من حزب شاس اليميني، بأن إسرائيل ترفض بشكل قاطع احتمال تعويض الاتحاد الأوروبي عن الهياكل أو المعدات التي هدمتها أو صادرتها.

كما أكد أشكنازي أنه يعتبر أي نشاط أوروبي حاضر أو مخطط له في المنطقة المصنفة (ج) “لا يحترم إجراءات تراخيص البناء الإسرائيلية، ويمثل تدخل أوروبي في محاولة لتحديد الحدود”، مؤكدا أن ذلك سيواجه “عواقب ناجمة عن الانتهاكات”.

وأشارت مذكرة المرصد الأورومتوسطي إلى أن “حكومة إسرائيل تعرف جيدًا أنها لا تسمح بالبناء والتنمية للفلسطينيين في المنطقة المصنفة (ج) من الضفة الغربية، ولا حتى الربط بشبكات المياه والكهرباء”.

وأضافت أن الحكومة الإسرائيلية جعلت عمدا إصدار تصاريح البناء والتنمية أمر شبه مستحيل بالنسبة للفلسطينيين والأجانب للحصول، مع ما لا يزيد عن 2.3٪ من طلبات تصاريح البناء في المنطقة (ج) التي وافقت عليها السلطات الإسرائيلية بين عامي 2009 و2012.

وأشارت المذكرة إلى حالة قامت فيها إسرائيل بهدم ومصادرة مشاريع ممولة من الاتحاد الأوروبي تم إنشاؤها بالفعل بالتنسيق مع الإدارة المدنية الإسرائيلية.

مشروع بلجيكي

ففي أيلول/سبتمبر عام 2014، عمد الجيش الإسرائيلي بحجة عدم التصريح إلى قطع النقاط والكابلات الكهربائية لمشروع كهرباء بلجيكي في قرية خربة الطويل الصغيرة شرقي نابلس.

وأشارت المذكرة إلى أن “مشروع الكهرباء تم الانتهاء منه في عام 2004 بالتنسيق مع السلطات الإسرائيلية في الضفة لتحسين الظروف المعيشية لسكان القرية البالغ عددهم 200 نسمة من سكان الريف والمحرومين، غير أنه تم تدمير ما مجموعه 100 عمود وغيرها من دعامات الإضاءة وقطعت 3.5 كيلومتر من الكابلات الكهربائية”.

ما يجب أن يفعله الاتحاد الأوروبي

عقب عبده بالقول إنه “لا يمكن ولا ينبغي التسامح مع هذا الوضع المثير للقلق المتمثل في تصاعد عمليات الهدم الإسرائيلية وتراجع تمويل مشاريع الاتحاد الأوروبي”.

وأضاف عبده “طالما أن الوضع الراهن الذي يمكّن حكومة إسرائيل من تنفيذ مثل هذه الهجمات على الاتحاد الأوروبي- لا تزال المشاريع الممولة بدون معالجة وبدون مواجهة، وستتزايد المخاوف بين جميع الجهات المانحة للأراضي الفلسطينية المحتلة من أن كل ما يبنونه أو يعيدون بناءه سيتم تدميره مرة أخرى في أي وقت من الأوقات “.

وأوصت مذكرة المرصد الأورومتوسطي المفوضية والحكومات الأوروبية باتخاذ تدابير جذرية لمعالجة جذور المشكلة، بما في ذلك التحقيق والإبلاغ العلني عن جميع التدمير أو الأضرار التي لحقت بالمباني التي تم إنشاؤها بتمويلها؛ واستخدام الاجتماعات مع السلطات الإسرائيلية للتعبير عن موقف أوروبي واضح ومتسق بشأن عمليات هدم وتدمير المشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي.

إقرأ أيضًا: واشنطن تعترف بضم إسرائيل 30٪ من الضفة الغربية ومنظمة التحرير تهدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
الوطن الخليجية