دول الخليج تترقب صاحب “رقصة الفوز” بين ترامب وبايدن
تترقب دول الخليج مجريات الانتخابات الرئاسية الأمريكية أوائل الشهر المقبل بشئ من التخوف في ظل سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وذكر تقرير لوكالة “فرانس برس” أن ترامب بدأ علاقاته مع دول الخليج برقصة شعبية بالسيف في السعودية، وها هي الدول الخليجية تترقب ما قد يحصل مجدداً.
ومع اشتداد الحملات الانتخابية التي يخوضها ترامب بشراسة مع منافسه من الحزب الديمقراطي ونائب الرئيس السابق جو بايدن يتجدد التخوف من النتيجة.
وأشارت الوكالة إلى أنه مع رقصة ترامب على الأنغام الشعبية السعودية في زيارته الأولى إلى البلاد، بدأ نهجاً سياسياً قوياً وتحالفاً موجهاً ضد إيران.
ويتواصل دعم الدول الخليجية التي ترى في دعم ترامب قوة في مواجهة “تدخلات” إيران لضمان فوزه بولاية رئاسية ثانية.
وفي حال بقائه على كرسي الرئاسة، فمن المتوقع أن تواصل إدارته “جسر الجسور مع إيران”.
وبرز ذلك بإيجاد موطئ قدم غير مسبوق لإسرائيل في دول الخليج، وسط اتفاقات تطبيعية وعلاقات معلنة رسمية وأخرى غير معلنة ومحدودة.
وتقف علاقات ترامب الوثيقة مع دول الخليج على النقيض من العلاقات الفاترة التي ربطتها مع الرئيس السابق باراك أوباما، وخاصة بعد الاتفاق النووي مع إيران.
ورأت الباحثة في “معهد الشرق الأوسط” في واشنطن رندا سليم أن إدارة ترامب جعلت العلاقة بين أمريكا ودول الخليج “تتمحور حول الأشخاص بشكل أكبر وبدرجة أقل حول المؤسسات.
ولكن مع تخلف ترامب في استطلاعات الرأي خلف منافسه الديمقراطي الذي كان نائباً لأوباما طوال ثمانية سنوات، فإن ذلك أثارت تخوفات لدى دول خليجية.
وأشار التقرير إلى أن فوز بايدن قد يجعل المنطقة مرة أخرى على أعتاب تغييرات جديدة، خاصة مع سياساته وبرنامجه.
ويأتي ذلك خاصة في ظل مواقفه المتوقعة من انتهاكات حقوق الإنسان في دول الخليج بحسب منظمات غير حكومية، وصفقات الأسلحة.
وقال مسؤول خليجي لوكالة “فرانس برس” إن الزيارة التاريخية في أيار/ مايو 2017 “كانت بداية لعلاقة استثنائية مع رئيس أميركي.”
وأضاف المسؤول أن الزيارة “فتحت أبواباً كثيرة”.
وتابع “صنّاع القرار هنا يريدون أن تظل تلك الأبواب مفتوحة، لكنهم ليسوا مغمضي الأعين، فهم يستعدون للسيناريو الآخر”.
ترامب في رحلته الأولى استقبل بشكل غير مسبوق في السعودية وكشف عن سياسة المواجهة مع إيران، وتغاضى عن ملفات حقوق الإنسان الخليجية.
وانسحب من الاتفاق النووي الذي أبرمه سلفه أوباما مع إيران عام 2015، وتوجه ذلك بخطوة غير مسبوقة باغتيال القائد الإيراني قاسم سليمان.
في نفس الوقت، كانت أبواب ترامب مشرعة تماماً وسط قبول تجاه سياسات إسرائيل الاستيطانية ودعمها بشكل كامل، ومن ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
كما اعترف بضم الجولان السوري المحتل بشكل أحادي إلى إسرائيل، وعزز من تقارب دول خليجية مع إسرائيل وبشكل غير مسبوق.
وقالت كبيرة محللي الخليج في معهد “مجموعة الأزمات الدولية” إلهام فخرو “السعودية والإمارات تشتركان في تصوّر أن إدارة أوباما تخلّت عن حلفائها التقليديين في الخليج”.
وأضافت “حسّنت السعودية علاقاتها مع إدارة ترامب بشكل كبير، ويرجع ذلك جزئياً إلى قرار واشنطن فرض ضغوط قصوى” على إيران وقطاعها النفطي.
ومع اقتراب موعد الانتخابات في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، حقّق ترامب انتصاراً شخصياً كبيراً برعايته لاتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل.
كما وقّعت مملكة البحرين المتأثرة بالسياسات السعودية، اتفاقاً مماثلاً لتطبيع العلاقات.
ورأى محلّلون أن توقيت الاتفاقين دون مباركة الفلسطينيين، محاولة لتزويد ترامب بنصر ثمين في السياسة الخارجية قبل الانتخابات.
واعتبرت فخرو أنّ تقدّم بايدن في استطلاعات الرأي يشعر الإمارات والسعودية بقلق من احتمال التراجع عن العقوبات المفروضة على إيران في حال فوزه.
كما أنّ ترامب “أكثر استعداداً لضمان أن تمضي مبيعات الأسلحة إلى هذه الدول قدماً وبسرعة”، بحسب الخبيرة.
ويستبعد أن تبذل إدارة بايدن مثل هذه الجهود لإيصال الأسلحة إلى دول الخليج.
وتظهر أرقام معهد “استوكهولم الدولي لأبحاث السلام” أنّ مبيعات الأسلحة الأميركية إلى السعودية بين 2017 و2019 كانت ثاني أعلى مبيعات لإدارة واحدة بعد بيل كلينتون بين عامي 1993 و2000.
وهذا ما يشير إلى أن ولاية ترامب الأولى قد تحقّق مبيعات قياسية مع احتساب مبيعات 2020.
إلى جانب ذلك، عارض البيت الأبيض القرارات المناهضة للسعودية في الكونغرس على خلفية حربها في اليمن واغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في 2018.
وروى الصحافي الشهير بوب وودورد في كتابه “غضب” أنّ ترامب قال له في مقابلة رداً على سؤال عن علاقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بقتل خاشقجي “لقد أنقذته”.
ومع ذلك، تستعد منطقة الخليج وخصوصا السعودية، لاحتمال العودة إلى التعامل مع إدارة ديموقراطية.
وعلقت رندا سليم: طالما أن محمد بن سلمان هو ولي العهد، فإن العلاقات الأميركية السعودية ستدخل في أحسن الأحوال في حالة جمود عميق وستستمر في المعاناة.”
وأشارت إلى ذلك يعزى إلى عواقب اغتيال جمال خاشقجي.
وستحاول إدارة بايدن على الأرجح جرّ إيران مجدداً إلى طاولة المفاوضات.
ويرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي أنّ “الأمر سيكون صعباً بالنسبة للسعوديين، لكن في نهاية المطاف سيكون عليهم التعايش معه”.
وتابع دورسي: “ستكون رقصة صعبة”.